لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. logo    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
153172 مشاهدة print word pdf
line-top
المشي أمام الجنازة

ويسن كون المشاة أمامها, قال ابن المنذر: ثبت أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة. وكون الركبان خلفها لما روى الترمذي وصححه عن المغيرة بن شعبة مرفوعا: الراكب خلف الجنازة وكُرِه ركوب لغير حاجة وعودٌ.


يقول: العادة أنهم إذا صلوا على الجنازة في المسجد، أو ذهبوا بها للصلاة عليها في البقيع أو في المقابر يحملها بعضهم، والبقية لا يحملون, بل يسيرون خلفها، وكثير منهم قد يركب على دابة -كحمار مثلا, وجمل, وحصان- لعجزه مثلا, أو لبعد المكان، والكثير الآخرون يَسيرون على أقدامهم.
أين يسير الركبان؟ يقولون: الْأَوْلى أنهم يسيرون خلفها، والمشاة أمامها, والركبان خلفها, هذا اختيار بعض الفقهاء؛ كأنهم يقولون: إن الركبان لا يتعبون فلهم أن يسيروا بتؤدة، وربما مثلا تعبوا -تعب الذين يحملونها- فينزل بعض الركبان ويحملونها لكونهم قد أراحوا أنفسهم. وقال بعضهم: بل هما سيان؛ يعني: يجوز أن يكون الراكب خلفها أو أمامها, والماشي يجوز أن يكون خلفها أو أمامها، وإنما النقل في ذلك فعل وليس فيه قول, فكونهم مثلا رأوا النبي -صلى الله عليه وسلم- مرة وبعض أصحابه يمشون خلفها لا يدل ذلك على أن ذلك من السنة وأنه مُطَّرِد؛ لأنه روي أيضا أنهم مرة من المرات يسيرون أمامها, فدل على أنه يجوز أحيانا أن يكون الراكب أمامها وأحيانا يكون خلفها.
وكذا يقال في الماشي: أن يكون الماشي خلفها أو أمامها حسب ما تقتضيه الحال؛ وذلك لأن بعض المشاة قد يكون نشيطا فلا يضره أن يكون في مقدمتها، والآخر قد يكون متوانيا أو متثاقلا, فلا يتيسر له إلا كونه خلفها والكل فيه سعة.
أما متى يباح له الركوب؟ يقولون: إذا رجع فله أن يركب، إذا رجع من المقابر بعد الدفن فله أن يركب، وله أيضا أن يركب إذا كان كبير السن أو مريضا، وله في هذه الأزمنة أن يركب لِبُعْد المسافة؛ يعني: بُعد المكان يعوزه إلى أن يركب لمشقة قطع الطريق -قطع الطريق على الأرجل-. فالحاصل أنه يجوز الركوب ويجوز المشي، ولكن المشي الأفضل إلا لعذر, كمرض مثلا أو بُعْدِ مكان.

line-bottom